الأكثر تطرفا في إيران.. حزب "جبهة الصمود" يقود التشدد من "الحجاب" إلى "النووي"

نجح حزب "جبهة الصمود"، الذي يحتل أقصى اليمين في الطيف السياسي الإيراني، في توسيع نفوذه بشكل كبير داخل البرلمان والمؤسسات الحكومية الرئيسية خلال السنوات الأخيرة، رغم حداثة نشأته في إيران.
ومنذ تسجيله رسميا بوزارة الداخلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، فإن صادق محسولي هو الذي يقود الحزب.
يشار إلى أن صادق محسولي شغل سابقًا منصب وزير الداخلية ثم وزير الشؤون الاجتماعية في إدارة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، كما أنه ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني ورجل أعمال، لكنه نادرًا ما يدلي بتصريحات عامة أو يمثل الحزب في الإعلام.
ورئيس الهيئة المركزية للحزب هو مرتضى آغا تهراني، وهو رجل دين على رتبة "حجة الإسلام"، وكان نائبًا في البرلمان عدة مرات منذ عام 2008.
وشغل آغا تهراني في وقت من الأوقات "مستشارًا أخلاقيًا" للرئيس أحمدي نجاد، ويشغل حاليًا رئيس لجنة الثقافة في البرلمان، وقد لعب دورًا رئيسيًا في دفع مشروعات القوانين المتشددة، بما في ذلك قانون الحجاب والعفة.
أصول الحزب
يعود أصل الحزب إلى "جبهة الصمود"، وهو تحالف انتخابي تم تشكيله قبيل انتخابات البرلمان لعام 2012. وظهر كجماعة متشددة انشقت عن معسكر أحمدي نجاد بعد صراع السلطة بينه وبين المرشد علي خامنئي بشأن عزل وزير الاستخبارات حيدر مصلحي.
وبعد أن رفض أحمدي نجاد الاعتراف بإعادة خامنئي تعيين مصلحي، تحوّل حلفاؤه المخلصون سابقًا الذين شكلوا لاحقًا حزب "جبهة الصمود" ضده، واعتبروه ومجموعته الداخلية "تيارا منحرفا".
مواقف الحزب
يروج حزب "جبهة الصمود" وحلفاؤه لتفسير راديكالي للمذهب الشيعي، مركزًا على الإيمان بالإمام المهدي، الإمام الثاني عشر. ووفقًا لهذه العقيدة، فإن هذا الشخص المُخلّص، الذي يُعتقد أنه في غيبة منذ عام 941 ميلادية، سيظهر في النهاية لتطهير العالم من الخطيئة والفساد.
ويحتفظ الحزب وحلفاؤه بعلاقات وثيقة مع آية الله محمد مهدي ميرباقري، وهو رجل دين مثير للجدل، ويُعتبر خليفة آية الله محمد تقي مصباح يزدي، الذي كان يُعتبر الأب الروحي للمحافظين المتشددين في إيران، وكان يحظى بتقدير كبير من خامنئي.
سياسيًا، يعارض الحزب بشدة أي اتفاق نووي مع القوى العالمية، والانخراط الدبلوماسي مع الولايات المتحدة والدول الغربية، وانضمام إيران إلى اتفاقيات مجموعة العمل المالي (FATF) لمكافحة غسل الأموال، ورفع القيود على الإنترنت والرقابة، والتساهل في تطبيق قواعد الحجاب.
وعلى الرغم من أيديولوجيته المتشددة، نجح الحزب في توسيع قبضته على السياسة الإيرانية، حيث شكل السياسات التي تزيد من عزلة إيران على الساحة الدولية بينما تشدد القمع الداخلي.
وفي البرلمان الحالي (الذي بدأ أعماله في 27 مايو (أيار) الماضي)، يشكل حزب "جبهة الصمود" وحلفاؤه- بما في ذلك "جبهة الصباح الإيراني" التي يقودها المتشدد علي أكبر رائفبور- واحدة من الفصائل الرئيسية الثلاثة.
ويخوض الحزب صراعات متكررة مع المحافظين الآخرين المرتبطين برئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، بالإضافة إلى الفصيل الأصغر من النواب "المستقلين" و"الإصلاحيين" الذين سمح لهم مجلس صيانة الدستور بالترشح.
وشهدت انتخابات البرلمان في مارس (آذار) الماضي، مع جولات الإعادة في مايو (أيار)، نسبة مشاركة تاريخية منخفضة في التصويت وسط مقاطعات واسعة من الجمهور والأحزاب السياسية بعد احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" 2022-2023.
وقد واجه مجلس صيانة الدستور اتهامات بـ"التصفية الجماعية" للمرشحين، بما في ذلك بعض المحافظين، وذلك لتسهيل الطريق أمام مرشحي حزب "جبهة الصمود".
في طهران، على سبيل المثال، فاز محمود نبيفيان، مرشح حزب "جبهة الصمود"، بالمركز الأول بنسبة أقل من 6 في المائة من الأصوات المؤهلة.
كما دعم الحزب المفاوض النووي السابق سعيد جليلي في انتخابات الرئاسة المفاجئة في يونيو (حزيران) الماضي، وهي انتخابات أخرى اتسمت بالمقاطعات ونسبة مشاركة منخفضة. وفي النهاية، خسر جليلي أمام مسعود بزشكیان، حيث حصل على 44.3 في المائة من الأصوات في الجولة الثانية.
ويتمتع الحزب حاليًا بنفوذ كبير في العديد من المؤسسات الحكومية، بما في ذلك مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.