صرح المفتش السابق بالأمم المتحدة للشؤون العسكرية، ديفيد أولبرايت، في حديثه مع "إيران إنترناشيونال"، بأن إيران تمتلك القدرة التقنية على إنتاج قنبلة نووية، وأن الجمود الدبلوماسي بشأن برنامجها النووي المثير للجدل قد يدفع الأمور نحو "مسار تصعيد عسكري مع إسرائيل".
وقال ديفيد أولبرايت، في حديثه عبر بودكاست "عين على إيران": "إن إيران أو إسرائيل قد تنخرطان في مواجهة مسلحة عن طريق الخطأ أو عمدًا". وأضاف: "ربما تستهدف طهران تل أبيب، ونحن نعلم أنها تستطيع ضرب تل أبيب، ثم ترد إسرائيل. أعتقد أن الوقت خطير للغاية".
وأوضح أنه إذا شعر الطرفان، إيران وإسرائيل، بأنهما مهددان، فإن اندفاع إيران نحو تطوير قنبلة نووية واحتمال اندلاع مواجهة عسكرية يصبح أكثر ترجيحًا من أي وقت مضى.
وأشار المفتش السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن البرنامج النووي الإيراني يكتنفه الغموض، وأن التدابير الحالية غير كافية للكشف عن الأنشطة المشبوهة.
وأكد أنه يمكن لإيران إنتاج كمية كافية من اليورانيوم المستخدم في صناعة الأسلحة النووية خلال أسبوع أو أقل، بينما سيستغرق الأمر ستة أشهر لصنع رأس نووي قابل للاستخدام كسلاح. وأضاف: "أشعر بقلق بالغ للغاية بشأن ما قد يحدث في المستقبل".
وقد تعاملت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) مع نقص التعاون الإيراني والسرية على مدى أكثر من عقدين؛ حيث اكتشفت الوكالة بقايا يورانيوم في مواقع لم يتم الإبلاغ عنها، وتم منع مسؤوليها من الوصول إلى مواقع نووية، وواجهت مقاومة رسمية لاعتماد المفتشين.
لكن قضية السرية والاكتشافات المتعلقة بالمرافق النووية العميقة تحت الأرض، مثل موقع فوردو، أكثر تعقيدًا وخطورة، وفقًا لما قاله أولبرايت لقناة "إيران إنترناشيونال". وأوضح أن صانعي القرار في البرنامج النووي الإيراني لا يخفون الحقائق عن الوكالة الدولية فحسب، بل يخفونها أيضًا عن مسؤولي الحكومة الإيرانية أنفسهم.
وأشار أولبرايت إلى أن "الفنيين يعملون على بناء قنبلة، وإذا كانوا يعتزمون إنتاجها في منظمة الابتكار والبحث الدفاعي (SPND)، فإنهم يريدون التأكد من أن الأمر يتم بسرية". وتُعد ""SPND، المعروفة باختصارها الفارسي، منظمة رئيسة في البرنامج النووي الإيراني، وكانت تحت قيادة محسن فخري زاده قبل اغتياله المزعوم في طهران بواسطة مدفع رشاش يعمل بالذكاء الاصطناعي.
وأشار أولبرايت إلى أن نهج الرئيس بايدن تجاه إيران كان فاشلاً، مشيراً إلى أن الدول الثلاث: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، المعرفة باسم "E3"، اضطرت إلى خداع الولايات المتحدة للموافقة على قرار التوبيخ في يونيو (حزيران) الماضي؛ بسبب إحباطها من وتيرة التحرك الأميركي.
وقال أولبرايت، الذي كان يحذر من طموحات إيران النووية وعدم تعاونها لأكثر من 20 عامًا، إن الضغوط أثبتت فاعليتها على مدار السنين. وأضاف: "دائمًا ما يقول الناس إن العقوبات ليست فعالة، لكن إذا كانت كذلك، فلماذا يكون رفع العقوبات هو أول مطلب للنظام الإيراني كلما طُرح أي اتفاق؟".
العقوبات ستؤتي ثمارها
وفي حديثه مع "إيران إنترناشيونال"، أوضح أولبرايت أن استهداف الإيرادات الإيرانية الرئيسة، مثل مبيعات النفط، سيجبر طهران على التعاون. وأشار إلى أن الوضع الجيوسياسي في المنطقة لا يزال متقلبًا، مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، والضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، وضعف قوة الردع الإيرانية نتيجة استنزاف حلفائها المسلحين، كحماس وحزب الله.
وأضاف: "ترامب، لا يمكن التنبؤ بما سيفعله. لقد أرسل إشارة مؤخرًا ربما تشير إلى رغبته في إبرام صفقة".
وفي الوقت الذي وسّع فيه البرلمان الإيراني تمويل المنظمة وعزز ملاحقتها العسكرية، مع إعفائها من الرقابة، قال أولبرايت إن "SPND" تطلق مشاريع لتطوير أجزاء من القنبلة دون أي موافقة حكومية.
ورغم أن إيران تؤكد أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط، فإن أولبرايت، إلى جانب إسرائيل والقوى الغربية، يرون ذلك من منظور مختلف؛ حيث صوّتت 19 دولة من أصل 35 في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لصالح قرار يدين إيران، أول من أمس الخميس، مطالبًا إياها بتعاون أكبر مع الوكالة.
وفي اجتماع الوكالة بفيينا، عبّرت بريطانيا وفرنسا وألمانيا، عن قلقها الشديد إزاء النتائج، التي قدمها المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، بعد زيارته الأخيرة لإيران، بعدما أعلن أن طهران وسّعت مخزونها من اليورانيوم بنسبة نقاء 60 في المائة، وهي خطوة تقنية قصيرة عن إنتاج الأسلحة النووية.
آلاف أجهزة الطرد المركزي
وأعلنت إيران، يوم الجمعة، عن السعي لتطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة جديدة، رداً على تقرير الوكالة الدولية، وقال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي: "إن إيران سترد بتشغيل آلاف الأجهزة، وليس مجرد مئات".